17 - 08 - 2024

مؤشرات| تعديل الدستور وكشف المستور

مؤشرات| تعديل الدستور وكشف المستور

الحديث عن وجود اتجاه لتعديل الدستور في كل مكان داخل أروقة البرلمان، وبين التكتلات والقوى السياسية، وتم تداوله داخل الأحزاب وفيما بينها، وامتد الحديث بين الساسة والنخبة وعدد لا بأس به من البرلمانيين بطرح رؤاهم وأفكارهم بشأن كيفية تعديل الدستور.

وربما كان هناك حديث داخل الحكومة حول هذه القضية المحورية والحساسة في ذات الوقت، إلا أن الشارع والشعب ظلوا هم المغيبين عن هذا الأمر، رغم أنهم هم أصحاب الرأي الأوحد في حسم هذا الجدل بين مؤيد ومعارض، لأنهم هم من صوتوا على دستور 2014، الذي نظم الحياة الدستورية في البلاد بما فيها تشكيل مجلس النواب، وآلية اختيار رئيس الجمهورية ومدة رئاسته، وتشكيل الحكومة، وغيرها من الأمور السيادية والسياسية والإقتصادية ونظام الحكم.

الحديث عن تعديل الدستور جرى في الغرف المغلقة، في محاولة للتقرب من السلطة، والإبقاء على ما هو قائم، دون استئذان صاحب الأمر وهو نحن هذا الشعب، وإذا تحدثنا عن موقف الرئاسة فهو غير معلن، بشأن ما يجري من جدل ونقاش، فيما أعلن الرئيس نفسه أكثر من مرة عن احترامه للدستور والإرداة الشعبية، دون التطرق بوضوح إلى فكرة تعديل الدستور في حد ذاته.

فيما فاجأنا ائتلاف "دعم مصر"، بما يضمه من عدد كبير من أعضاء مجلس النواب، بالتقدم بطلب إلى رئيس البرلمان الدكتور علي عبد العال لتعديل بعض مواد الدستور، موقعا من نحو خُمس الأعضاء، وعلى الفور أحال رئيس المجلس الطلب للجنة العامة للنقاش.

وانصب التعديل المقترح حسب ما أعلنه الإئتلاف على أن يكون انتخاب رئيس الجمهورية لدورتين متتاليتين فقط على أن تكون المدة الواحدة تشمل 6 سنوات بدلًا من 4 كما هيّ بالدستور الحالي، وكذلك عودة مجلس الشورى، باسم مجلس الشيوخ.

وذرا للرماد في العيون أضاف الإئتلاف تعديلات أخرى منها تعيين نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية، وتمثيل المرأة بما لا يقل عن 25٪ من النواب بانتخابات البرلمان مع تمثيل مناسب للشباب والأقباط، إضافة إلى إلغاء الهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام، وهو ما يعني عودة وزراة الإعلام التي اختفت من معظم دول العالم المتقدم والنامي.

صحيح أن نصوص في الدستور تبيح لرئيس الجمهورية أو لخمس أعضاء البرلمان طلب تعديل مادة أو أكثر في الدستور، واستكمال الإجراءات الخاصة بهذا التعديل في مدة محددة، وموافقة ثلثي البرلمان على التعديل، وإجراءات أخرى وصولا إلى الاستفتاء الشعبي.

ولكن قبل هذا كله ووفق النظم الديمقراطية، هل ناقشت القوى السياسية الأهمية الخاصة والضرورة الملحة لأي تعديل على دستور لم يمر عليه حتى الأن حوالي 5 سنوات، أي لم يجف الحبر الذي كُتب به حتى الآن، وهل جرى حوار مجتمعي بين فئات الشعب للتعرف على رؤى الناس حول جدوى التعديل والضرورات التي يقتضيها التعديل الدستوري.

ثم هناك سؤال مهم وضروري .. لماذا ظل الحديث سريا عن التعديل على الدستور، ليتحول إلى أن يصبح الكلام حول تعديله أمرا مخلا بالآداب العامة!!، وأن الأمر بمثابة الحديث عن جريمة، فإذا كان هذا هو الأمر بهذا المعنى، فلماذا تم طرح الحديث حول تعديل الدستور من عامين، وما زال أمام الرئيس نحو ثلاثة سنوات من فترة رئاسته الثانية.

أليس الوقت ما زال مبكرا لطرح هذا الأمر، فبالإمكان إعطاء الناس فرصة للحوار والنقاش، فالحوار الديمقراطي نريد له أن يتقدم للأمام، ولا يرجع خطوة، أو خطوات للخلف، فما جرى من حوار خلف الكواليس، وفي الغرف المغلقة، يقيني أنه يضر بالمسار الديمقراطي، ويعود بنا للوراء، لعصر الحزب الوطني، الذي كان يفرض سلطته على الدولة حتى جاءت ثورة 25 يناير لتمحوه من على خارطة الحياة السياسية.

لابد أن يتعلم الساسة الدرس جيدا، ولابد أن يفهموا أن الشعب هو ما أتى بهم إلى ما عليه من وضع ومكانة، وخلق لهم كراسي في مقاعد المسؤولية، وهو ذاته من يحدد مصيرهم، ... عودوا للشعب وتحاوروا معه، واستمعوا للناس إما أن تقنعوهم، أو تأخذوا رؤاهم ومواقفهم.. فالديمقراطية هي الإحتكام للشعب، وليس فرض ما ترون عليه ، صحيح لكم، ولكم فقط.

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | تعليم